فی سورة اللهب : دراسىة بلاغیة
الملخص
یتناول هذا البحث سورة اللهب ، وهی سورة مکیة وعدد آبها خمس ، وروی أن نزولها کان فی السنة الرابعة من البعثة. وسبب نزولها أنه لما نزل قوله تعالى : " وأنذر عشیرتک الأقربین" دعا (ص) قومه ولا سما الأقربین فأنذرهم وقال لهم : (إنی نذیر لکم بین یدی عذاب شدید ) فقال أبو لهب: نبأ لک ألهذا دعوتنا؟ وأخد حجرا لیرمیه به فتزلت هذه السورة . فلما سمعت امراته مانزل فی زوجها وفیها من القرآن أتت رسول الله (ص) وهو جالس فی المسجد عند الکعبة ومعه أبو بکر رضی الله تعالى عنه - وفی یدها فهر من حجارة ، فلما وقفت علیه أخذ الله بصرها عن رسول الله فلم ترا أبا بکر، فقالت: یا أبا بکر إن صاحبک قد بلغنی أنه یهجونی ، والله لو وجدته لضربت هذا الفهر فاه ، والله إنی لقائلة :
مذمما عصینا ، وأمره أبینا ، ودینه قلینا. ثم انصرفت فقال أبو بکر: با رسول الله أما تراها رأتک ؟ قال : ما رأتنی ، لقد أخذ الله بصرها منی، وکانت قریش تسمی رسول الله مذما ثم یسبونه أی ذو دمة وعهد صادق .
وروی عن طارق المحاربی قال بینا أنا بسوق ذی الحجاز إذ أنا بشاب حدیث السن یقول : أیها الناس: قولوا لا اله إلا الله تفلحوا، وإذا برجل خلفه یرمیه قد أدمى ساقیه وعرقویه -مؤخر القدم - یقول : یا أیها الناس إنه کذاب فلا تصدقوه فقلت : من هذا؟ فقالوا هو محمد بزعم أنه نبی، وهذا عمه (أبو لهب)، یزعم أنه کذاب .
وروی عن امرأة أبی لهب (أم جمیل) بأنها کانت تحمل حزمة من الشرک والحسک فتنثرها باللیل فی طریق النبی (ص)، لایذائه ، فهی کانت شدیدة العدارة والایذاء - کزوجها للرسول (ص).
عمدنا فی هذه التوطئة إلى سرد هذه الروایات فی أسباب نزول سورة اللهب لما لها من أهمیة قصوى فی إضاءة أسلوب السورة الذی بنیت علیه ، کما أنها تجلى ألوانا من أسالیب الأذى التی کان یلقاها الرسول (ص) من أکابر أعدائه الذین قادوا حربا نفسیة ومادیة لا هوادة فیها ضد الرسول (ص) خاصة والمسلمین عامة .
لذلک فإن هذه الصورة من الأمثلة البارزة التی تصور هذا العداء من جهة، ومن جهة أخرى فإن السورة تمثل حربا نفسیة استخدمها القرآن ضد أعدائه - ومنهم أبو لهب وزوجه
موضوع السوریة - حربا تحطمهم روحا ومعنى قبل أن تحطمهم مادة وصورة. فالسورة تستهدف فییا تستهدف القضاء علیها والسخریة منها ، وهذا هدف من أهداف السورة یله القرآن الکریم وتخطیطه ، لتکون سلاحا فی وجه أعداء الإسلام، ولیقاوم بها المسلمون الحرب النفسیة التی یشنها الأعداء علیهم ، وما السخریة إلا لون من ألوان الحرب النفسیة .